روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | أبي لن يعود.. التهور في القيادة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > أبي لن يعود.. التهور في القيادة


  أبي لن يعود.. التهور في القيادة
     عدد مرات المشاهدة: 3971        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فهذه ثلاث صور مختصرة أنقلها للقارئ على عجل، فيها نماذج حية لأنفاس مكلومة وأنات مفزوعة! من أمهات وآباء.. وأبناء وزوجات.

الأولى: طفلة صغيرة أوصلها والدها إلى باب المدرسة، وودعت أباها بابتسامة عذبة وبتلويحة من يدها... ثم لما أتى الظهر فإذا بها عند عتبة الباب تنتظر الساعة والساعتين فلم يأت الأب.. إنما أتى عمها وحملها وهي تتساءل أين أبي! لقد تأخر عليّ حتى أوجست خيفة.

الثانية: إمرأة شابة لم يمض على زواجها ست سنوات مع زوج تحبه، فإذا بها تفاجأ أن لديه سفرًا في مهمة عمل، تفقدت أمر سفره وقامت بتجهيز مستلزماته، ولم تنس أن تعد له الشاي والقهوة؛ فسفره عن طريق البر؛ وتبعته إلى باب البيت مودعةً هي وأبناؤها... وكان هذا هو اللقاء الأخير مع والدهم. وكانت تلك هي النظرة الأخيرة نحوه... لقد ترملت الزوجة، وتيتم الأبناء الأربعة، وفقده والده ووالدته وإخوته نتيجة حادث مروري!

الثالثة: شيخ كبير ذو علم وتقى مصل عابد، خرج ذات يوم مسبحًا، ذاكرًا الله عز وجل، وعندما أراد أن يعبر الطريق فإذا بالموت ينتظره. لقد فجعت فيه الأمة، وبكاه المحراب والكتاب والمنبر.

إنها صور ثلاث سريعة، لواقع نراه ونسمعه... لقد قتلهم شاب متهور، أو رجل لا يقيم للطريق حقه، أو مخالف لأنظم السير! من يتحمل وزر هؤلاء؟ ومن للأيتام والأرامل بعد الله عز وجل؟ لقد قُتل الطفل الصغير، والزوج والشاب، والشيخ الكبير، وترملت الزوجة وتيتم الأطفال، وبكى أهل الحي على الشيخ! إنها أحزان متواصلة ودموع متتالية في فقد أقارب وفراق أحبة! فمن يبوء بإثم قتلهم وقطعهم عن الحياة!

بإطلالة سريعة على لغة الأرقام ترى أن عدد الحوادث المرورية في المملكة في عام 1420هـ بلغت أكثر من 267،772 حادث، توفي على أثرها 4،848 شخص، أما في عام 1421هـ فقد زادت الحوادث حتى بلغت 280،401 حادث، توفي على أثرها 44198 شخص، وبلغت الإصابات الجسيمة في نفس العام أكثر من 20،241 حاله، ولو تأملنا لوجدنا أن هناك شخصًا يتوفى كل ساعتين في موقع الحادث عدا من يتوفون في الطريق إلى المستشفى أو عند دخوله!

وقد ذكرت المنظمة الدولية للوقاية من حوادث الطرق أن ما يفقده العالم بسبب الحوادث المرورية يصل إلى ستة عشر مليون إصابة من 700،000 حالة وفاة!

 أخي السائق:

المسلم مأمور بالمحافظة على نفسه وعلى إخوانه في كل مجال، وإن أزعجتك أرقام الحوادث وكثرتها وتأملت حال المصابين والمتوفين وأهمك الأمر. وإليك بعض مما يعينك على السلامة بإذن الله ويجنبك شر الحوادث وويلاتها:

 1 - إلتزام تقوى الله عز وجل بإمتثال أوامره وإجتناب نواهيه:

فإن التقوى سبب عظيم من أسباب السلامة وتيسير الأمور، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا  [الطلاق:4]، فمن إتقى الله وقاه وحفظه، ومن تعرف على الله في الرخاء عرفه في الشدة.

 2 - التوكل على الله سبحانه، فإن من توكل على الله كفاه:

قال تعالى: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3] أي كافيه، ومن حسن التوكل الأخذ بالأسباب أيضًا.

 3 - إستشعار حرمة دم المسلم وماله:

وربما تقع في ذلك التعدي إذا خالفت التعليمات، فيصيبك الإثم من جراء الضرر الحاصل من قتل مسلم وتيتم أطفاله وخسارته المادية وغير ذلك.

 4 - تذكر ما قد ينزل بك من جراء الحوادث من موت أو إصابة أو خسارة سيارتك أو غير ذلك:

عندها يدفعك هذا التذكر والتفكر إلى القيادة الآمنة السليمة؛ خوفًا على نفسك وعلى من حولك.

 5 - العمل بما أرشدنا إليه الكتاب والسنة من الأذكار والأدعية:

فعند ركوب السيارة، نحافظ على الدعاء المعروف: {الحمدلله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سبحانك اللهم إني ظلمت نفسي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت} [رواه أبو داوود والترمذي].

وعند السفر: {الله أكبر، الله أكبر، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا، واطوِ عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل} وإذا رجع قالهن، وزاد عليهم {آيبون تائبون، عابدون، لربنا حامدون} [رواه مسلم].

 6 - حري بالمسلم الإبتعاد في كل حين وخاصة حال القيادة عن كل ما يعضب الله سبحانه:

من المعاصي والمحرمات كتعاطي المخدرات بأنواعها، والإستماع إلى الأغاني، وآلات الموسيقى، أو النظر المحرم، فالمعاصي سبب الهلاك والدمار فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ [العنكبوت:40].

 7 - مما يعين على حفظ المسلم كثرة ذكر الله عز وجل ودعائه:

فإن ذكر الله سبحانه من أسباب وقاية الإنسان وحفظه، فقد أرشد الله إلى ذكره في حال القتال مع الأعداء فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ [الأنفال:45] فكما أن الذكر سبب من أسباب النصر على الأعداء فهو كذلك سبب من أسباب الوقاية من الحوادث.

 8 - الإلتزام بتعليمات وأنظمة المرور التي وضعت من أجل سلامة الناس ووقايتهم من أخطار السيارات:

والحذر من مخالفتها؛ لما يسببه ذلك من وقوع الحوادث الكثيرة.

 9 - الإلتزام بالسرعة التي حددتها أنظمة المرور داخل المدن وخارجها:

ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة، والواجب قيادة السيارة بسرعة معقولة لا إفراط فيها ولا تفريط، فلا تكون سرعة عالية لا يستطيع معها السائق تفادي ما يطرأ له في سيره، ولا تكون سرعة بطيئة جدًا فيتسبب في وقوع حادث لغيره.

 10 - الحرص على تفقد السيارة قبل ركوبها والسير بها والتأكد من سلامة محركاتها ووسائل السلامة فيها:

كالفرامل والإطارات، والأنوار، والإشارات، وإصلاح أي خلل يطرأ عليها، والتأكد من وجود وسائل السلامة بها كطفاية الحريق وغيرها.

 11 - إستشعار نعمة المركبات وإنها قد تتحول إلى نقمة إذا أسيئ إستخدامها:

ولهذا يجب ألا يقود السيارة إلا من يحسن القيادة؛ فإن التفريط في هذا الأمر ضرره كبير جدًا.

 12 - إعطاء الطريق حقه:

وعدم أذية المسلمين بالتجاوز أو السرعة أو غيرها؛ ونرى كثيرًا من سائقي السيارات يؤذون المؤمنين ويهددون أرواحهم بسوء إستعمال السيارة.

 13 - الإستفادة من المكوث في السيارة بسماع إذاعة القرآن الكريم أو شريط نافع:

ليكون مجلسك مجلس ذكر تحفه الملائكة وتغشاه الرحمة، وأنعم بها من طمأنينة وسعادة تعينك على القيادة الآمنة.

 14 - البعد عن الغضب والشد العصبي خاصة عند زحام السيارات أو ما يحصل من مضايقات:

جاء رجل إلى النبي فقال: أوصني، فقال: {لا تغضب} رددها مرارًا.

 15 - تجنب قيادة السيارة أثناء الإرهاق أو التعب أو الشعور بالنوم:

فإن قيادة السيارة عند الإرهاق أو الشعور بالنوم يفقد السائق التركيز والإنتباه أثناء القيادة مما يتسبب في وقوع الحوادث.

 16 - مراعاة السائق للظروف الجوية والجغرافية للطرق:

وعند إنعدام الرؤية بسبب الضباب أو الغبار وعند المرور بالمنحدرات، والمرتفعات، والمنعطفات، فعلى السائق أن يراعي مثل هذه الظروف والأحوال أثناء قيادته للسيارة.

 17 - المحافظة على صلاة الفجر والعشاء مع الجماعة:

لأن من صلى الفجر والعشاء في الجماعة فهو في ذمة الله عز وجل، قال:  {من صلى الصبح فهو في ذمة الله} [رواه مسلم].

 18 - الحرص على صلاة الضحى:

إستشعارًا لما في حفظ الله عز وجل لمن أداها. قال الله تعالى في الحديث القدسي: {يا ابن آدم، لا تعجز عن أربع ركعات أول النهار أكفلك آخره} [رواه أحمد].

 19 - إستعمال حزام الأمان:

فقد ثبت بالتجربة العملية أن له أثرًا في تخفيف الإصابة بعد توفيق الله عز وجل بنسبة عالية.

ومما يعين على الوقاية من الحوادث بإذن الله إحتساب الأجر في حسن القيادة، وإعطاء الطريق حقه، والإلتزام بآداب الشرع التي حث عليها.

حفظك الله وردك سالمًا غانمًا إلى أهلك وذويك.

الكاتب: خالد بن عبد الرحمن الشايع

المصدر: موقع كلمات